مقال – أمين الجاك عامر –
في لحظةٍ هادئةٍ بعد صلاة الفجر، وعلى غير ميعاد، رنّ الهاتف يحمل صوتًا غاب طويلًا بفعل الحرب والنزوح. كان المتصل أحد أصدقائي الأعزاء، الذين فرقت بيننا المسافات وغيّبتهم الظروف القاسية.
بعد تبادل التحايا والسؤال عن الأحوال، أخبرني أنه اتخذ قرار العودة النهائية إلى السودان، وأنه سيغادر صباح اليوم القاهرة على متن قطار “العودة الطوعية” المجاني.
لم تكن مكالمته عابرة؛ كانت مشبعة بالمشاعر والعزيمة. تحدّث عن نجاح مشاريعه الزراعية في الموسم الماضي رغم بُعده عنها، بفضل الله، وإخلاص العاملين معه على مدى سنوات. وأضاف بثقة أن تجربته أثبتت له أن السودان هو الخيار الأمثل – اقتصاديًا وربحيًا – متفوقًا على كثير من دول العالم من حيث الفرص الزراعية الهائلة.
وجه شكره لكل من ساهم في إعادة تشغيل وتسيير قطار العودة الطوعية، وودعني متفائلًا، عائدًا إلى تراب الوطن.
بعد ساعات، حاولت الاتصال به للاطمئنان، لكن دون جدوى. شعرت بالقلق، ثم تذكّرت أن بطارية هاتفه قد تكون نفدت، فقررت الانتظار. مرّ اليوم التالي وانشغلت، وعندما تركت هاتفي على الوضع الصامت، حاول صديقي الاتصال مجددًا، لكني لم أتمكن من الرد.
كررت الاتصال به لاحقًا، حتى أجاب بعد ايام بصوت يحمل عتابًا لطيفًا، تلاشى سريعًا حين شرحت له الملابسات، وأخبرته أنني تركت له رسالة على “واتساب”.عندها بدأت الحكاية الأجمل…
المزيد من المشاركات