منصة السودان الاخبارية
معك في كل مكان

محفظة التعليم”… دعوة لإنقاذ العقول وإعمار الجامعات في سودان ما بعد الحرب

مقال – أمين الجاك المحامي –

في ظل الظروف العصيبة التي يمر بها السودان بعد الحرب، تقف البلاد على مفترق طرق حاسم،يتطلب قرارات جريئة وحلولاً مبتكرة لضمان مستقبل آمن ومستقر.وفي قلب هذا التحدي، يبرز التعليم الجامعي والبحث العلمي كأحد أهم المحاور الاستراتيجية التي يجب أن تحظى بالأولوية القصوى.
فالواقع الذي فرضته الحرب لم يقتصر على الدمار المادي فحسب، بل امتد ليهدد العقول والكفاءات، ويضع أجيالاً كاملة أمام خطر التهميش أو الهجرة أو الانقطاع عن الدراسة. ووسط ارتفاع تكاليف التعليم، وتدهور ودمار البنية التحتية للجامعات، وتراجع فرص الدعم، بات من الواضح أن استمرار هذا المسار سيؤدي إلى انهيار ما تبقى من منظومة التعليم العالي.من هنا، تبرز الحاجة العاجلة لإطلاق مبادرة وطنية شاملة تحت مسمى “محفظة التعليم”، وهي فكرة تقوم على إنشاء محفظة تمويلية مصرفية خاصة، موجهة لدعم الطلاب المبرزين والجامعات المتضررة، ضمن رؤية استراتيجية لإعادة إعمار البلاد من خلال الاستثمار في الإنسان.هذه المحفظة هي آلية تمويل مبتكرة،تستلهم تجربة المحفظة الزراعية الناجحة، وتُدار عبر مصرف وطني أو تحالف مصرفي عريض،بموجب تشريع قانوني،وتعمل على تمويل:
1.الطلاب الموهوبين والمستحقين لمقاعد دراسية وفقاً لسياسات القبول في الجامعات السودانية: من خلال قروض دراسية ميسّرة، تؤمن استمرار تعليمهم الجامعي وفوق الجامعي داخل الوطن، وتُسدد لاحقًا بعد التخرج. 2.الجامعات والمؤسسات التعليمية: عبر تمويل مشاريع إعادة الإعمار والتأهيل والتجهيزات الحديثة، بصيغ تمويل ميسّرة وأرباح منخفضة.
لأن تكلفة الإهمال ستكون أكبر. فكل يوم يتأخر فيه إصلاح التعليم، تفقد البلاد مزيدًا من العقول والمواهب.كما أن استقرار الجامعات يساهم مباشرة في استقرار المجتمع، ويمنع موجات النزوح الأكاديمي، ويعيد الأمل للشباب في بناء مستقبلهم داخل وطنهم.
الدعوة موجهة لكل الجهات ذات العلاقة، وعلى رأسها: • مجلس الوزراء. • وزارة التعليم العالي والبحث العلمي. • اتحاد المصارف السودانية. • ديوان الزكاة. • الجهات الوقفية والخيرية. • البنوك الوطنية.
•وزارة العدل لإعداد التشريعات اللازمة.
ونقترح عقد لقاء تفاكري وطني عاجل يضم هذه الأطراف لتوحيد الرؤية، وتحديد آليات التنفيذ، ووضع الأطر القانونية والمالية اللازمة لإطلاق المحفظة التعلمية وتطويرها. ليس ترفًا… بل ضرورة وطنية
هذه المبادرة لا تمثل مجرد دعمًا تعليمياً، بل مشروعًا وطنيًا متكاملاً لإعادة بناء السودان عبر الاستثمار في أهم ثرواته: الإنسان. فالجامعات ليست فقط مؤسسات تعليمية، بل محاضن للعقول، ومراكز للبحث، ومنارات للنهضة.
ولا يخفى أن العديد من الجامعات السودانية باتت على شفا الانهيار، بفعل الدمار وارتفاع التكاليف وضعف الموارد. وبالتالي، فإن دعمها وتمكينها هو دعم مباشر لمستقبل السودان.
إننا اليوم،في حاجة ماسّة إلى التكافل، وإلى شراكة حقيقية بين الدولة والقطاع الخاص والمجتمع المدني، لتأسيس هذه المحفظة التعليمية، والوقوف إلى جانب الطلاب والجامعات، حتى لا يُكتب على هذا الجيل أن يدفع ثمن الحرب مضاعفًا.
“محفظة التعليم” ليست فكرة حالمة، بل ضرورة عاجلة، وخطوة واقعية نحو وطن يُعلي من قيمة العقل والعلم….. فلنسرع الخطى قبل فوات الأوان،أولادنا أكبادُنا تمشي على الأرض؟.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.