منصة السودان الاخبارية
معك في كل مكان

 إبراهيم شقلاوي يكتب ..  فرص السودان للعودة إلى مسار جدة لاستعادة الأمن وتحقيق السلام

 

في ظل تقدم الجيش السوداني في عدد من المحاور واستعادة السيطرة على مناطق واسعة في بعض الولايات المتأثرة بالحرب ، يبدو أن هناك فرصًا جيدة للسودان للعودة إلى مسار جدة لاستعادة الأمن وتحقيق السلام . يجب أن نعلم إن تحقيق الأمن والاستقرار في البلاد يُعدّ هدفًا حيويًا للحكومة السودانية الحالية وفقًا لمراقبين . خصوصًا بعد اندلاع الحرب في منتصف أبريل من العام الماضي إثر محاولة انقلابية فاشلة قامت بها قوات الدعم السريع المتمردة في محاولة للاستيلاء على السلطة بدعم إقليمي ودولي وإسناد محلي من بعض القوى السياسية .

تُعدّ اتفاقية جدة الموقعة في 11 مايو من العام الماضي بداية هامة لحل الأزمة السياسية والأمنية في السودان ، ويُعدّ إعادة النظر في إمكانية العودة إلى هذا المسار التفاوضي خطوة ضرورية لإيجاد حل شامل ودائم للأزمة في البلاد . وكما هو معلوم فإن إجراء مفاوضات ناجحة يتطلب انتصارات ميدانية ، وستلعب قوة وصمود الشعب السوداني والجيش دورًا حاسمًا في تحقيق النجاح في عمليات التفاوض ، نظرًا لتكلفة الحرب المرتفعة مقابل تكلفة السلام الأقل .

هذا بالرغم من تساؤلات السودانين المبررة حول فاتورة الحرب من يتحمل تبعات تلك الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية من تخريب ونهب لثروات البلاد من الاحتياطات النقدية من الذهب والعملات المحلية والأجنبية من يعوض المواطنين ممتلكاتهم و ثرواتهم التي نهبت والأروح التي فقدت وعروضهم التي انتهكت. من يعوض الناس عن تلك الانتهاكات المروعة التي قامت بها القوات المتمردة ، بالضرورة أن تظل هذه الأسئلة القانونية و الأخلاقية حاضرة في أي محاولات للوصول إلى سلام والانتقال لليوم التالي من الحرب لضمان استدامة السلام .

بالأمس أكد وزير الخارجية السوداني ، الدكتور علي يوسف الشريف الذي تولّى منصبه مؤخرًا لقناة الجزيرة مباشر على أهمية تفعيل اتفاقية جدة بوصفه المسار الذي يمكن أن يستعيد السلام وأن حديثه عن انتهاء الحرب خلال شهرين أو ثلاث الذي قاله في القاهرة ربما يعتمد علي ذلك إلى جانب التركيز على دعم الجيش والقوات المسلحة والقوات الأمنية الأخرى لتحقيق النصر في “حرب الكرامة” ضد المليشيات . سبق للحكومة أن أعلنت تسليم الوسطاء المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية رؤية تفصيلية لتنفيذ اتفاق جدة للترتيبات الأمنية والإنسانية (خارطة طريق) لتحقيق السلام والاستقرار في البلاد مع طلب إلزام المليشيا بما تم الاتفاق عليه .

لذلك من المهم تجاوز الخلافات السياسية والتوجه نحو حل سياسي للأزمة السودانية . يرجح عددا من المراقبين فرضية أن الحكومة السودانية تتجه نحو التوصل إلى حلول سياسية بالنظر إلى تخصصية وزير الخارجية في فض النزاعات بالوسائل السلمية ، عليه من المرجح أن يقود أي تفاوض محتمل خلال الفترة القادمة لذلك رفضت الحكومة سابقًا المشاركة في مفاوضات جنيف التي حاولت الالتفاف على مسار جدة بإدخال وسطاء متورطين في تمويل الحرب .

أيضا بذلت الحكومة خلال الأيام الماضية عبر وزارة الخارجية جهود سياسية ودبلوماسية حثيثة ، بإقامة عدد من المؤتمرات الصحفية في عدة بلدان حول العالم لتوضيح طبيعة العدوان على الشعب السوداني وفرص السلام المتاحة بجانب تحقيق النجاح في العمليات العسكرية للقوات المسلحة السودانية. هذه المجهودات تعد إيجابية لتمكين السودان من العودة إلى مسار جدة لاستعادة الأمن وتحقيق السلام .

بالنظر إلى دعم المملكة العربية السعودية لهذا المسار فقد حث مجلس الوزراء السعودي الثلاثاء الماضي الأطراف المتحاربة في السودان على وقف إطلاق النار وإنهاء الصراع وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية إلى المتضررين . كما أكد أن الحل السياسي هو الطريق الوحيد لإنهاء الأزمة في السودان ، وجدد الدعوة إلى الالتزام والوفاء بما تم الاتفاق عليه في “إعلان جدة” الموقَّع بتاريخ 11 مايو 2023م. وبناءً على ذلك يجب على الوسطاء مساعدة الحكومة السودانية في الضغط على مليشيا الدعم السريع لتنفيذ ما تم الاتفاق عليه في جدة .

من المهم أيضًا أن تستمر الجهود الداخلية والخارجية لوضع خطة سياسية لحكم السودان في المستقبل القريب ، وضرورة تجاوز الخلافات السياسية العقيمة والتوجه نحو حلول سلمية لإنهاء الأزمة الحالية من خلال الدعوة إلى الحوار السوداني-السوداني . وإذا تمكنت الحكومة السودانية من تحقيق هذه الأهداف، فستكون على الطريق الصحيح لإعادة بناء البلاد والتوصل إلى حلول دائمة للأزمة الراهنة .

هذا هو وجه الحقيقة الذي يجب أن نؤمن به جميعًا ونسعى لتحقيقه . بالتالي فإن فرص السودان للعودة إلى مسار جدة لاستعادة الأمن وتحقيق السلام تعتمد على التزام جميع الأطراف بتنفيذ اتفاق جدة والعمل على تحقيق حل سياسي للأزمة السودانية . وإذا نجحت الجهود المشتركة في تحقيق هذه الأهداف فسيعود السودان إلى مسار السلام والاستقرار ، مما سيحقق الأمن الشامل للشعب السوداني

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.