محمد عبدالقادر الفريق اول مفضل… هدوء رغم العواصف
هدوء لم اتوقعه ميز نبرات الفريق اول احمد ابراهيم مفضل مدير جهاز المخابرات العامة اثناء حديثه المسؤول للاعلام فى بورتسودان امس .
قلت انني لم اتوقع الهدوء رغم علمي بانه احد سمات الرجل، لعدة اسباب اولها بالطبع ارتفاع حرارة الطقس السياسي، وتصاعد انفاس الجميع فى ملاحقة الاحداث والانفعال بمجرياتها. ثاني هذه الاسباب ان مفضلا من الذين يحق لهم الزهو بما يفعلون من اجل هذا الوطن خاصة وان المؤسسة التى يقودها تتصدر المشهد بجسارة واقدام ، وفرسانه من ابناء جهاز الامن يخوضون غمار المعارك ويلقنون التمرد فى كل يوم درسا ابلغ من الذي سبقه، مفضل فى مقام عزة كان بالامكان ان يعبر عنها دون ان يحسب فى خانة الزهو، فالخيلاء مستحبة فى مقام المنصة التى خاطبنا منها وهو يتحدث عن معركة الكرامة، ولنا فى رسول الله اسوة حسنة حينما اعجبته مشية ابودجانة ، وتبختره اثناء القتال، فقال قولته إنها لمشية يبغضها الله ، إلا في مثل هذا الموقف .
ثالث هذه الاسباب اعادة صلاحيات جهاز المخابرات العامة وانعتاقه من مؤامرات الجهات التى خططت ان تقلم اظافره وتجعله مجرد واجهة علاقات عامة تجمع المعلومات (لا تهش ولاتنش)، وقد تابعنا منذ اندلاع ثورة ديسمبر كيف تم استهداف الجهاز على الرغم من تحذيراتنا من المساس بقيمته كجهاز لمناعة الدولة تتكامل فى سطوته وهيبته مقومات بقائها امنة وموحدة ومستقرة، لاشك عندي اطلاقا ان ما نعانيه اليوم كان احد تداعيات تحجيم ادوار جهاز المخابرات، فقد استهدفوه حتى ابقوا بلادنا ( فى السهلة) بعد ان افقدوها جهاز المناعة وتركوها نهبا للجراثيم والبكتيريا والطفيليات التى تكاثرت واصابتنا بكل الداء الذى تعيشه بلادنا اليوم.
مفضل لم ينتصر لنفسه، ولم يخرج على الراي العام فى اول لقاء مع الصحفيين مثل الحجاج مخاطبا الرؤوس التى اينعت وحان قطافها ، ولم يتبختر بالعبارة او يستفز او يتحدى، ولكنه قدم خطابا متوازنا ومحترما سما به كثيرا وهو يتجرد عن الانتصار للذات ويتسامى فوق الخلافات رغم وجود ما يجعله مختالا فخوار، لكنه يعلم ان الله لايحب ان يرى عبده هكذا، فاثر ان يقدم حديثا للوطن اكد انه رجل كبير بمعنى الكلمة..
اعجبتني تطمينات مفضل للجميع بان قانون المخابرات بصلاحياته الجديدة لن يكون سيفا مسلطا الا على العابثين بامن الوطن، وقد كان االكثير من المراقبين ينتظرون لحظة ان يخرج الرجل شاهرا سيفه فى وجه الذين هتفوا بحل جهاز الامن ومحاكمة قياداته، وتركوه نهبا للهتافات المستفزة والمواقف التى صورته شيطانا رجيما، لكن الرجل خرج شاهرا حلمه وسماحته وسعة افقه.
الفريق اول مفضل تبني كذلك خطابا واعيا لم ينس خلاله ان يرسم خارطة طريق نحو الامن والسلام الدائم، تستلزم اهمية حوار بين كل السياسيين لايستثني احدا.
ولم ينس ان يذكر الاعلاميين باهمية نبذ خطاب الكراهية والسعي لتمتين النسيج الاجتماعي واللحمة الوطنية.
بمثل الطريقة التى تحدث بها مفضل نحتاج ان نخاطب المستقبل ومرحلة ما بعد الحرب، تسامي لافت ولغة واضحة وارتفاع كبير فى الوعي بالمخاطر المحيطة وتصميم على النصر وترتيب الاوضاع بما يحفظ هيبة السودان ويقصم ظهر الخونة والمارقين..
شكرا سعادة الفريق اول مفضل.. على كل هذا الوعي والتسامي..والتقدير للاعلام..