متابعة – منصة السودان –
يشهد السودان، في أعقاب سنوات من الصراع والدمار، تحولًا حاسمًا نحو إعادة البناء والتعمير. يأتي اليوم العالمي للعمران هذا العام ليُسلط الضوء على أهمية هذا الملف، ويدعونا جميعًا إلى التفكير بعمق في التحديات التي تواجهنا والفرص التي تلوح في الأفق. إن إعادة إعمار السودان ليست مجرد عملية هندسية، بل هي عملية إعادة بناء نسيج المجتمع، واستعادة الأمل، وبناء مستقبل أفضل للأجيال القادمة.
التحديات تتمثل في الدمار البنيوي والاجتماعي، لتجاوز الدمار في السودان الجانب المادي ليصل إلى البنية الاجتماعية والنفسية للمجتمعات المتضررة. فقدان المأوى، وتدمير المرافق العامة، وانقطاع الخدمات الأساسية، كلها عوامل ساهمت في تفاقم الأزمة الإنسانية، بجانب الأزمة الاقتصادية المتفاقمة فالحرب الحالية قد أدت إلى تدهور حاد في الاقتصاد السوداني، مما جعل عملية إعادة الإعمار أكثر تعقيدًا. ارتفاع معدلات التضخم، ونقص العملة الصعبة، وارتفاع أسعار المواد الأساسية، كلها تحديات تواجه الاقتصاد السوداني، بجانب تحديات التخطيط العمراني، فيعاني السودان من تحديات كبيرة في مجال التخطيط العمراني، مثل النمو العشوائي للمدن، وعدم وجود بنية تحتية كافية، وتدهور الأحياء القديمة. هذه التحديات تتطلب إعادة النظر في السياسات العمرانية وتطوير خطط شاملة للتنمية الحضرية، مع التغيرات المناخية، فيواجه السودان تحديات إضافية بسبب التغيرات المناخية، مثل الجفاف والتصحر، مما يزيد من الضغط على الموارد الطبيعية ويؤثر على الزراعة وسبل العيش.
تعتبر الفرص المتاحة تحديأت ورؤية مستقبلية ومنها الدعم الدولي المتزايد، فالسودان يشهد اهتمامًا دوليًا متزايدًا، مما يفتح الباب أمام فرص للحصول على الدعم المالي والفني لإعادة الإعمار، والاستثمار في الطاقة المتجددة، يمتلك السودان إمكانات هائلة في مجال الطاقة المتجددة، مثل الطاقة الشمسية والرياح، والتي يمكن أن تساهم في تحقيق التنمية المستدامة وتوفير الطاقة الكهربائية للمشاريع الإنشائية، ويمكن تحقيق تقدم أكبر من خلال بناء شراكات قوية بين الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدني والمنظمات الدولية، فيجب أن تكون إعادة الإعمار في السودان قائمة على مبادئ التنمية المستدامة، مع التركيز على حماية البيئة، وتوفير فرص العمل، وتحسين جودة الحياة للمواطنين، ويمكن الاستفادة من التكنولوجيا الحديثة في مجال البناء والإنشاء، مثل تقنيات البناء المستدامة، وتطبيقات الذكاء الاصطناعي في إدارة المشاريع
إن إعادة إعمار السودان هي عملية معقدة تتطلب تضافر الجهود على جميع المستويات. يجب أن تكون هذه العملية شاملة، وتستند إلى خطط واضحة، وتشمل جميع فئات المجتمع. من خلال الاستفادة من الفرص المتاحة، وتجاوز التحديات، يمكن للسودان أن يولد من جديد، ويصبح نموذجًا للصمود والتحدي في المنطقة.
توصيات في إشراك المرأة والشباب في عملية إعادة الإعمار وتمكينهم من المشاركة في صنع القرار، ويجب تعزيز مبادئ الحوكمة الرشيدة والشفافية في إدارة الموارد العامة، بجانب الاستثمار في البحث والتطوير في مجال البناء والإنشاء، وتشجيع الابتكار، مع الاستثمار في التعليم والتدريب لتوفير الكوادر المؤهلة لقيادة عملية إعادة الإعمار.
ندعو جميع الأطراف المعنية، سواء كانت حكومات، أو منظمات دولية، أو مؤسسات مجتمع مدني، أو أفراد، إلى التكاتف والعمل معًا لبناء مستقبل أفضل للسودان. لنجعل من اليوم العالمي للعمران نقطة تحول في مسيرة إعادة إعمار بلدنا الحبيب.
