منصة السودان الاخبارية
معك في كل مكان

النازحون من سنار .. تفاصيل  قصص مؤلمة وحزينة 

 

تقرير : ساجدة دفع الله – جحيم الحرب أصبح شبح يلازم مواطن السوداني، يتجدد يوماً بعد يوم آخر ، بولاية سنار مدينة سنجة حيث اعتدت عليها المليشيا الغاشمة على المواطنيين الأبرياء الذين لا حول لهم ولا قوة حيث روت لنا الناجية النازحة فاطمة روايتها مع المعاناة وهي تخرج على عربة كارو يجرها حمار برفقة زوجها وأبنائها الأثنين وهي حامل في أيامها الأخيرة، بعد رحلة طويلة استمرت لثلاثة ليالي خلالها كانت فقط أمامهم مياه الترع والأمطار، شاءات الأقدار أن وصلوا إلى مدينة الدمازين وكانت لحظة مخاض لفاطمة وهي لا تدري ماذا تعمل اذا بشباب حي الهجرة المتواجدين بالشارع العام لإستقبال النازحين، إلا أن اخذوها مباشرة إلى إحدى  المستشفيات بالدمازين وبحمدلله وضعت.

 

وهذا ليس أخر المعاناة إنما هنالك العديد من النماذج المتجددة التي لم تظهر لأن لديها أسر تربطها بها علاقات قامت بإيواها ولديهم العديد من المآسي والألم التي تعرضوا لها خلال الهجوم الغاشم القادر على مدينتهم سنجة حيث وقفت (منصة السودان ) على نماذج من الحالات العديدة..

 

طفل يولد يتيم  ونازح….

 

بعد فرار ملايين المواطنيين من ولاية الخرطوم بسبب انتهاكات المليشيات المتمردة، قامت إحدى النازحات بالنجاة بروحها وطفلها التي تحملها في بطنها بالفرار إلى ولاية الجزيرة مدينة مدني، وواصلت المليشيا اعتداءاتها وصلاً بودمدني، لتبدأ رحلة نزوح آخرى في الوقت الذي اعتقد الجميع فيه بأن هذه أخر محطات النزوح، اتجهت تلك النازحة لولاية سنار مدينة سنجة بعد معاناة في الطريق وهي في أشهرها الأخيرة من الحمل،  وعند وصولها وضعت حملها بمستشفى سنجة وانجبت طفل ذكر، إلا أنها فارقت الحياة رهقاً من طول المعناة الممتدة من الخرطوم، تم التواصل مع موظفة بوزارة المالية مشاعر محمد سليمان، لتقوم بكفالته، وامتدت يد المليشيا إلى مدينة سنجة وبالعناية الإلهية خرجت مشاعر بهذا الطفل الذي يبلغ عمره شهرين، إلى الدمازين، شاكرت مجتمع وحكومة الإقليم على كرم الضيافة والاستقبال وتقديم المساعدات لهم.

 

 

الدعامة دخلوا سنجة…

 

 

حاجة مستورة يوسف خمسينية العمر، أم لولدين وثلاث فتيات، افترشت السجادة في منزلها المتواضع بمدينة سنجة حي القلعة، لصلاة  العصر، وبعدها أخذت  “جردل العجين وولعت صاج عواسة الكسرة” لتحضير وجبة الغداء لأبناءها، وبعد ثوان بدأت اصوات البنادق والرصاص وأصوات المارة في الطريق تردد “الليلة وووب الدعامة دخلوا سنجة”، حاجة مستورة قامت بإطفاء النار وفرت هاربة إلى الغرفة مستلقية على الأرض تحت “السرير”، حتى فجر اليوم الثاني، وبعدها خرجوا من سنجة بسيارة إبنها الكبير برفقة جيرانها انطلقوا مباشرة لمدينة الصابونابي، وبعدها لمدينة الدمازين.

 

التقت بها (منصة السودان ) في إحدى مراكز  الإيواء وقالت :” إنها لا تعلم عن مكان بقية أبنائها لا سيما بعد انقطاع شبكات الإتصالات والإنترنت في الدمازين، شاكرة الدعم الشعبي الذي يقدمه المواطنيين وحكومة الإقليم لجميع النازحين وإيواءهم”.

 

 

“الشير بي جاي”..

 

سوسن صلاح تقف على الطريق العام بمدينة الدمازين حي الهجرة رغم ارتفاع درجات الحرارة، تحمل “كرتونة” مكتوب عليها “دعم مطبخ النازحين”، قالت في تصريح ل (منصة السودان ) إنها متطوعة لخدمة النازحين الفارين من أحداث مدينة سنجة، واستقطاب الدعم من أصحاب المركبات الخاصة والعامة وحتى المارة لتوفير وجبات للنازحين ومياه الشرب، وغيرها من الخدمات مشيرة إلى أن الدعم اليومي يبلغ حوالي (200- 300)ألف جنيه، يتم تسليمها للمشرف على المتطوعين ويذهب إلى السوق لشراء “الخضار واللحمة والعيش” وجميع المستلزمات، حيث قاموا بتجهيز مكان لتحضير الطعام وبعدها يتم توزيعه على اماكن النازحين عبر لجان.

 

 

محمد عثمان شاب عشريني متطوع من شباب حي النصر غرب بالدمازين يرتدي مريلة برتغالية اللون، وكمامة على خده وذلك من غبار الطريق، تراه من على البعد وسط السيارات في منتصف الطريق العام حامل  “كرتونة اندومي” مكتوب عليها صندوق دعم النازحين حي النصر غرب، ويردد “الشير لأخوك النازح”، يقف منذ الساعة السادسة صباحاً وحتى السادسة مساءاً وذلك بعد إعلان حظر التجوال بقانون الطوارئ، وفق حديثه ل(منصة السودان ).

 

 

 

 

مطبخ على الهواء…

 

 

من جانبه قال مشرف متبرعين الدمازين شمال حي النصر غرب طلال عبد الرحمن أحمد،:” نحن مجموعة شباب منذ دخول نازحين مدينة سنجة والمناطق المجاورة لها الذين بلغت أعدادهم كميات كبيرة وقفنا بالطريق العام لاستقبالهم بالمياه، وبالمجهودات الشعبية الذاتية قمنا بتوزيع سندوتشات لعدد” ٩” سيارات كبيرة تحمل أطفال وعدد من الأسر، وفي اليوم الثاني اجتمعنا بشباب الحي ووزعنا المهام على الجميع،  البعض منهم لجمع التبرعات من أصحاب المركبات الخاصة والعامة والمارة بالطريق ومن الخيرين بجنيه وجنيهان، والبعض لتجهيز مكان لإنشاء مطبخ بالطريق، وبالفعل قمنا بتركيب صيوان كبير وتم تجهيز بعض الأواني المنزلية من نساء الحي، ومن التبرعات التي تأتي قمنا بشراء جميع مستلزمات الطبيخ، ونقوم بعمل وجبتان فطور وغداء بمساعدات نساء الحي ويقمن بإعداد ” خمسة حلل ملاح كبيرة وعواسة الكسرة” وبعدها نقوم بتوزيعها لمراكز النازحين عبر اللجان المشرفة بالمراكز” .

 

وأكد طلال في تصريحات ل(منصة السودان ) وجود ثلاثة مطابخ في الطريق العام بالدمازين،  مطبخ بكبري سنجة الدمازين، وآخر بحي النصر غرب، ومطبخ بحي بانت، حيث تقوم بتغطية عدد “١١” مركز للنازحين، مشيداً بدعم منظمة الأغذية العالمية للمطابخ بتقديمها مواد غذائية، ومضيفاً بأن دخلهم اليومي من جمع التبرعات بالطريق ما يقارب ال”200″ ألف جنيه.

 

معمول بٍحُب….

 

 

(منصة السودان ) قامت بجولة داخل مطبخ شباب حي النصر غرب المكون من خيمة بالطريق ويظله شجر كثيف، توجد داخله عدد من النساء يجلسن في “سرير وعنقريب صغير” يعملن بكل حب والابتسامة لا تفارق خدودهن، على الجانب اليمين ترأ  عدد ثلاثة “حلل كبيرة في النار” تقف بجانبهن الحاجة عائشة محمد عيسى التي تقوم بترتيب أعمال منزلها في الصباح الباكر، وتأتي لخيمة المطبخ لتجهيز وجبات النازحين حسبما ذكرت في دردشتها مع ال(الكرامة) وتعتبر هذا العمل إنساني وخيري في المقام الأول وأن هؤلاء النازحين بمثابة ضيوف عابرين لذلك لأبد من ضيافتهم وإيواءهم، وعلى الجانب الشمال تجد إبنة الحاجة عائشة، الشابة العشرينية أمنية محمد عمر، حيث تقوم “بعواسة الكسرة على الفحم”، ورغم النيران التي تلهب يديها ووجهها الجميل إلا وتجدها ” تتونس وتتضحك مع الجميع”، وبالقرب منها عدد من النساء في انتظار ” ادوارهن للعواسة” وتجهيز وجبة الغداء لتوزيعها على مراكز النازحين.

 

 

براميل مياه الهلال الأحمر….

 

المتطوع بجمعية الهلال الأحمر العالمية، ومدرب اسعافات أولية، والتدريب المنزلي في الرعاية الصحية، عيسى ضابط كامين، قال في حديثه ل(منصة السودان )انهم يقومون بمساعدة المجتمع بدون عنصرية أوسياسة وتفرغة عنصرية، ونحن متعهدين في خدمة الانسان، وانهم يعملون بمساعدة النازحين في توفير مياه نقية، ونظافة المكان من الذباب،  وتم توزيع بعض الأغذية المتوفرة بالمخازن، ولدينا عدد من المرضى بمركز الهجرة، واغلبهم أمراض مزمنة، وملاريا، واسهالات”، وبعد الحالات المستعصية يتم تحويلها للمستشفى الصيني.

 

 

مواسات نازحين….

 

قال مشرف مركز إيواء نازحين سنجة وودالنيل وأبو حجار، خلف الله ناصر محمد، إنه وبعد أحداث سنجة أصبح عدد النازحين في تزايد بالدمازين متواجدين بجانبين الطريق، علمناً أن هذه الأسر ليس لديها مكان محدد للذهاب له، تم الإتصال مع إدارة التعليم بالمحافظة، ووافقت على إيواءهم بالمدارس، ونحن كانت الأقرب لنا مدرسة الهجرة، حيث تم إيواءهم، وكانت أولى العقبات التي واجهتنا الوجبات التي نقدمها لهؤلاء النازحين، فكرنا في جمع الشباب والشابات للتطوع والوقوف في منتصق الطريق الرئيسي، لحس المارة بتقديم العون للنازحين، وجدت الاستجابة السريعة وعلى الفور عملنا على شراء الاحتياجات الضرورية التي تمكننا من إعداد الوجبات، وتم استنفار النساء من الأحياء لإعداد الوجبات.

 

وتابع حديثه ل(منصة السودان ) قائلاً :” انه تم التواصل مع محافظ  محافظة الدمازين ووزيرة الرعاية والتنمية الإجتماعية، واتواصلوا مباشرة مع منظمة الأغذية العالمية التي منحتنا دعم عبارة عن (331)جوال دقيق، و(30)كرتونة زيت وعدد (27)جوال عدس، وأيضا اسهامات ديوان الزكاة، حيث بلغ عدد النازحين بالمدرسة (288)أسرة، ويقدر عدد الأفراد (1000)وعدد الأطفال يتجاوز (400) طفل وبها (16)امرأة حامل.

 

وناشد خلف الله الحكومة والمنظمات بتوفير نواميس ومشمعات وزيارة الحمامات وفتح عيادة ثابتة لاسيما وأنهناك عدد (76) أصحاب أمراض مزمنة.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.