بقلم – أمين الجاك عامر – المحامي
في صباحٍ مختلف، ومع أول انحسار لمياه فيضانٍ عنيف، ظهر على ضفاف النيل الأزرق، عند ذلك المنحنى، وعلى بُعد خطواتٍ معدودة من قُبّة الشيخ سعدابي بمدينة ود مدني، قلبٌ مدفون، نابضٌ رغم ما مرّ عليه من زمن. كان ينبض كأنه يبحث عمّن فقده، وكأن خيطًا خفيًّا يربطه بتلك النخلة التي اقتُلعت من ضفته يومًا، ورُحِّلت بعيدًا إلى أرضٍ لا تعرف طميه ولا أنشودته المسائية.
ومع أنّ الحكاية تبدو، للوهلة الأولى، قصةً بين عاشقٍ وشجرةٍ هُجِّرت من موطنها، فإنّ ما تكشفه تفاصيلها اليوم أكبر من ذلك بكثير.فالنخلة التي استقرّت في بستانٍ بعيد خلف البحار ما زالت، رغم الغربة، تنمو في وجه الريح، وتُثمر بكرمٍ لا يشبه غربتها. ومن حولها تنهض نخلاتٌ جديدة، كأنها خريطة صغيرة لذاكرةٍ خضراء، تؤكّد أن الجذور، مهما ابتعدت، لا تنفصل عن موطنها الأول.
المزيد من المشاركات