بقلم – محمد سنهوري الفكي الامين
في عالم تتشابك فيه المصالح وتتقاطع فيه طرق التجارة، لم تعد الموانئ مجرد بوابات لعبور البضائع، بل تحولت إلى أدوات قوة تعيد رسم خرائط النفوذ، ومع احتدام الصراع الإقليمي والدولي على الممرات البحرية، يجد السودان نفسه في قلب هذه المعادلة المعقدة، إذ تتداخل طموحات القوى الخارجية مع نيران الحرب الداخلية، وتصبح موانئه جزءاً من صراع أكبر يتجاوز حدوده الجغرافية إلى فضاءات أوسع تشهد تحولات عميقة.
البحر الأحمر الذي يحتل موقعاً استراتيجياً محورياً في حركة الملاحة العالمية، أصبح مجالاً مفتوحاً لتنافس إقليمي مشتعل، من الخليج إلى القرن الأفريقي، ومن شرق المتوسط إلى المحيط الهندي. وفي هذا الإقليم شديد الحساسية، يبرز السودان بسواحله الطويلة وموانئه المهمة بوصفه نقطة ارتكاز في شبكة التجارة البحرية، ما يمنح أراضيه أهمية تتجاوز الاقتصاد إلى تأثيرات سياسية وأمنية تنعكس بوضوح على مجريات الحرب التي تعصف به اليوم.
ميناء بورتسودان يمثل المثال الأبرز على ذلك، فهذا الميناء الذي لطالما شكّل شريان السودان التجاري الأول، تحوّل منذ اندلاع الحرب إلى مركز الإدارة الحكومية ومقر عبور الإمدادات والحركة الاقتصادية، هذا الموقع المضاعف جعله هدفاً في حسابات القوى الإقليمية، التي ترى في السيطرة عليه، أو ضمان النفوذ داخله، مدخلاً لترسيخ حضورها في البحر الأحمر، خاصة مع التزاحم الدولي المتزايد على خطوط الملاحة البديلة.
ومع تعطل الموانئ في بعض دول الجوار، وتراجع دور مرافئ محورية مثل اللاذقية وبيروت، ازدادت أهميته بوصفه محطة لا غنى عنها في شبكات النقل البحري.
المزيد من المشاركات