متابعة – منصة السودان –
قدّم الداعية المعروف الشيخ عبد الحي يوسف توضيحاً فقهياً جديداً حول مسألة طلاق الحائض، وهي من القضايا التي تتكرر حولها الاستفسارات داخل المجتمع، خاصة في ظل تزايد حالات الطلاق والبحث عن الأحكام الشرعية المرتبطة بشؤون الأسرة. وجاء حديث الشيخ في سياق بيان فقهي أوضح فيه أن الطلاق وقت الحيض يعد مخالفة صريحة للسنة النبوية، وأن الإقدام عليه يدخل في دائرة الإثم، غير أنه يقع شرعاً وتُحتسب الطلقة وفق ما عليه جمهور العلماء ومنهم الأئمة الأربعة.
وفي شرحه للأدلة، أشار الشيخ عبد الحي يوسف إلى حادثة عبد الله بن عمر رضي الله عنهما الواردة في الصحيحين، حين طلّق زوجته وهي حائض، فبلغ الخبر النبي صلى الله عليه وسلم فأبدى غضباً من الفعل وأمر ابن عمر بمراجعة زوجته وانتظار الطهر ثم الحيضة التالية، وبعدها إن أراد الطلاق فليكن قبل المسيس. ورغم هذا التوجيه النبوي الواضح بعدم التطليق في الحيض، إلا أنّ النبي صلى الله عليه وسلم اعتبر الطلقة واقعة، وهو ما دلّت عليه الروايات، ومنها ما رواه الدارقطني بقوله صلى الله عليه وسلم: «هي واحدة».
وأكد الشيخ أن هذا الحديث وتوجيهاته تمثل أصلاً شرعياً معتمداً في المسألة، مبيناً أن وقوع الطلاق في الحيض هو قول غالبية الفقهاء عبر العصور، وأن الخلاف الفقهي لا ينفي ثبوت الطلقة شرعاً، بل يوضح الضوابط التي ينبغي أن تُراعى عند إيقاع الطلاق حتى يتم وفق السنة.
وعدّد الشيخ عبد الحي يوسف جملة من الحكم المتعلقة بالنهي عن الطلاق أثناء الحيض، موضحاً أن الشريعة راعت الحالة النفسية للمرأة خلال هذه الفترة، إلى جانب حرصها على عدم إطالة العدة بصورة غير مقصودة. كما شدّد على أن السنة في الطلاق أن يقع في طهر لم يقع فيه جماع، وذلك حتى يكون القرار مبنياً على روية وتفكير بعيداً عن الانفعال.
ونبّه الشيخ إلى أن جهلاً واسعاً قد يحيط بهذه المسألة لدى كثير من الأزواج، إذ يظن بعضهم أن الطلاق أثناء الحيض لا يصح ولا يُعتدّ به، الأمر الذي قد يؤدي إلى أخطاء فقهية خطيرة تتمثل في التهاون بوقوع الطلقات وتجاوز العدد المسموح به من غير قصد، ما يدخل في طلاق بائن لا يمكن الرجوع بعده إلا بعقد ومهر جديدين.
ودعا الشيخ عبد الحي يوسف في ختام توضيحه إلى الرجوع للعلماء وأهل الاختصاص في كل ما يتعلق بأحكام الأسرة، مؤكداً أن الشريعة أرست نظاماً دقيقاً لضبط العلاقة الزوجية، وأن الطلاق ليس باباً مفتوحاً بلا قيود، بل مقيد بضوابط تحفظ الحقوق وتصون الأسرة وتمنع التعسف في استعمال هذا الحق.