منصة السودان الاخبارية
معك في كل مكان

دعوة لإنشاء صندوق ولائي لدعم التعليم والمعلم بولاية الجزيرة

مقال –  أمين الجاك عامر –

قُم لِلمُعَلِّمِ وَفِّهِ التَبجيلا
كادَ المُعَلِّمُ أَن يَكونَ رَسولا

بهذه الكلمات الخالدة عبّر أمير الشعراء أحمد شوقي عن مكانة المعلم العظيمة، فهو الذي يعلمنا ويرشدنا ويقودنا إلى طريق العلم والنور. المعلم هو الأب الثاني في المدرسة، يفتح لنا أبواب المعرفة، ويغرس فينا القيم والأخلاق الحميدة.

ولما في قصيدة شوقي من مضامين ومعانٍ سامية، تم تلحينها وأصبحت من الأناشيد المحببة للأطفال والكبار، ومن الأناشيد التي تُردد بشكل منتظم في رياض الأطفال والمدارس الابتدائية، وتُبث عبر الإذاعة والتلفزيون في برامج الأطفال، لا سيما عند الاحتفال بيوم المعلم.

تزامنًا مع احتفالات البلاد بيوم المعلم العالمي الذي يصادف الخامس من أكتوبر من كل عام، تعود إلى الواجهة قضية المعلم السوداني وأوضاعه المعيشية والمهنية، في ظل ظروف اقتصادية وأمنية صعبة ألقت بظلالها على العملية التعليمية في مختلف ولايات البلاد.

ورغم ما يُبذل من جهود للاحتفاء برموز التربية والتعليم، شهدت منصات التواصل الاجتماعي خلال الأيام الماضية تفاعلاً واسعًا بعد تداول منشورٍ يفيد بأن والي ولاية الجزيرة أعلن حاجة الولاية لتعيين نحو 13 ألف معلم جديد، إلى جانب رصد مبلغ 200 مليون جنيه لسداد متأخرات المعلمين.

توقفتُ كثيرًا أمام هذا الإعلان، الذي يعكس النقص الكبير في الكادر التربوي المؤهل، ويؤكد حجم التحديات التي تواجه قطاع التعليم في الولاية، لا سيما مع تزايد أعداد الطلاب وتدهور بيئة المدارس.

ولإنقاذ الوضع، أدعو إلى إنشاء صندوق ولائي عاجل لدعم التعليم والمعلم بولاية الجزيرة، وهي فكرة أراها حلاً عمليًا ومستدامًا لتخفيف الأعباء المالية ودعم استقرار المعلمين إلى حين تحسين أجورهم وشروط خدمتهم.

لقد ظل التعليم في السودان يعتمد لعقود طويلة على الجهد الشعبي والمبادرات الأهلية في بناء المدارس وتأهيلها، وقد آن الأوان لتأطير هذا الجهد عبر إقامة صندوق منظم بموجب قانون، تُسهم فيه حكومة الولاية بما هو متاح من موارد مالية، إضافة إلى مساهمات البنوك والمؤسسات الخاصة والخيرين والمبادرين من أبناء الولاية في الداخل والخارج، وكذلك من أموال الأوقاف وغيرها من المصادر المشروعة.

وأقترح أن تكون ضربة البداية لدعم هذا الصندوق – عقب إجازته بقانون – عبر اقتطاع يوم عمل واحد من رواتب العاملين بالولاية لصالح الصندوق في بداياته، إلى جانب فرض دمغة رمزية بقيمة جنيه واحد فقط، مع منح الصندوق الحق في تلقي الهبات والتبرعات من الأفراد والمؤسسات.

على أن تُوجَّه عائدات الصندوق بنسبة كبيرة إلى دعم المرتب الشهري للمعلمين، وتُخصص النسبة المتبقية لصيانة المدارس وتحسين بيئة التعليم وإجلاس التلاميذ. فهذه الخطوة – في تقديري – يمكن أن تكون أداة إنقاذ حقيقية للتعليم والمعلم في الولاية.

إن المعلم هو الأساس في بناء أي مجتمع متقدم، فهو الذي يصنع الطبيب والمهندس والعالم، ومن ثم فإن دعمه ليس ترفًا بل واجب وطني. كما أن تحسين أوضاع المعلم المعيشية هو البداية الحقيقية لإصلاح التعليم في السودان.

ومن هذا المنبر، أدعو وأناشد والي ولاية الجزيرة إلى تبني هذا المقترح بشكل عاجل، فـ إنشاء صندوق لدعم التعليم والمعلم خطوة في الاتجاه الصحيح، تعبر عن شراكة مجتمعية حقيقية وتعيد الاعتبار لمعلمٍ ظل يؤدي رسالته بتفانٍ وصبر رغم ضيق الحال.

إن المعلم يستحق أن يُنصف ماديًا ومعنويًا، فهو شمعة تحترق لتضيء الطريق للأجيال القادمة، ومن حقه علينا أن نحمي نوره من الانطفاء.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.