منصة السودان الاخبارية
معك في كل مكان

المسنة السودانية على الكرسي المتحرك… أيقونة المدرجات في الدوحة

بقلم – أمين الجاك عامر المحامي –

أمس الأول، وبينما كنت أتابع من على بُعد الأخبار المصوّرة لفعاليات تصفيات كأس العرب بدولة قطر الشقيقة لعام 2025م، والتي شارك فيها منتخبنا القومي لكرة القدم، شهدنا جميعاً انتصار صقور الجديان على منتخب لبنان في ملعب “ثاني بن جاسم”. وقد حقق منتخبنا هذا الفوز الثمين رغم النقص العددي، بهدفين مقابل هدف، لينتزع بطاقة التأهل إلى دور المجموعات بكل جدارة.

كان المشهد داخل الملعب لوحده رواية مكتملة: أكثر من خمسة عشر ألف مشجع سوداني ملأوا المدرجات، يهتفون ويغنون ويرسمون لوحة من الفخر والوفاء للوطن المكلوم. وبينما كانت الفرحة تعلو الوجوه، خطفت نظري لقطة مؤثرة بقيت عالقة في القلب: سيدة سودانية مُسنّة، تجلس على كرسي متحرك، حضرت إلى ذلك الاستاد الفخم المجهز بأحدث المواصفات فقط لتؤازر منتخب بلادها.

كانت تلك اللحظة مزيجاً من الفرح والانكسار؛ دمعة سريعة انحدرت من عيني وأنا أرى تلك الأم التي جاءت على عجل لتقول للوطن: نحن هنا، مهما أبعدتنا الظروف. هي واحدة من آلاف الأمهات والآباء الذين شردتهم الحرب، فغادروا ديارهم، وابتعدوا عن مجتمعهم وأهلهم وجيرانهم، وافتقدوا صوت من يقول لهم: “حبابك يمة… حبابك أبوي… كيف أصبحتوا وكيف أمسيتوا؟”

هؤلاء الذين وجدوا أنفسهم فجأة معلّقين في سماوات غريبة، وسط أبراج عالية لم يألفوها، يبحثون عن دفء يشبه دفء الوطن الذي تركوه خلفهم. ومع ذلك، ورغم الجراح، جاءوا ليملؤوا المدرجات بحبهم وولائهم، وكأنهم يثبتون للعالم أن السودان حاضر، وأن صقوره لا تعرف الانكسار.

لقد كان فوز المنتخب أكثر من مجرد انتصار رياضي؛ كان لحظة عودة للروح، وهمسة أمل تسري في النفوس، ورسالة تقول إن الوطن مهما ابتعد… فإنه يسكن في القلوب.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.