تقرير ـ إبتسام الشيخ ـ
من أكثر أوجه الضرر التي رصدناها أثناء تجوالنا بالعاصمة الخرطوم جراء حرب المليـ.ـشيا على السودان والمواطن السوداني وإستهدافها للمرافق الحيوية بالبلاد، الضرر الذي لحق بمحطة بحري الحرارية بالخرطوم بحري ،الصناعات، ومعلوم أن محطة بحري الحرارية هي محطة أساسية ولها دور كبير في اسناد الشبكة القومية.
زرنا المحطة ونحن في طريقنا إلى شرق النيل، حيث يلفت المارين بالطريق الذي أصبح الآن هو طريق عبور السيارات من أم درمان إلى شرق النيل عبر كبري الحلفايا تدفق كميات كبيرة جدا من (الفيرنست) على مساحات واسعة, مع الدمار والخراب للمرافق والمنشآت التي على جانبي الطريق.
سرقة الكوابل و النحاس والزيوت :
محطة بحري الحرارية أو الشهيد محجوب شريف الحرارية بحسب ما أفادنا الباشمهندس عبدالله أحمد محمد المدير العام لشركة الكهرباء القابضة تعرضت لخسائر وأضرار كبيرة ، إذ فُقد عدد كبير من الكوابل وحدثت سرقة ممنهجة للنحاس بما فيها نحاس أكبر مولد بالمحطة الوحدة رقم (5) والضررالأكبر كما وصفه الباشمهندس فقد الألآف من الأطنان من الفرنست، الذي يملأ المحطة والطريق من حولها ، وقال الباشمهندس عبدالله إنه سيتسبب بشكل أساسي في إعاقة عمليات صيانة المحطة مما يتطلب نظافة المحطة أولا
وأضاف مدير الكهرباء القابضة أن البلاد فقدت كمية مقدرة من الميقاواط كان يمكن أن تشكل قدرة كهربائية كبيرة.
من ناحيته أكد لنا الأستاذ عبد الرحمن الشيخ إعلام الكهرباء والنقل أن المولدات بالمحطة أُصيبت بضرر كبير وأن عدد من الأتيام ترددت على المحطة لمراجعتها إلا أنها لم تتوصل حتى الآن لتقييم نهائي للخسائر والإضرار، إلا أن توثف المحطة عن العمل إنعكس سلبا على كافة القطاعات, سكنية، زراعية وصناعية، وقد لاحظنا بالفعل من خلال زيارتنا لبعض أحياء شرق النيل إنقطاع الكهرباء عنهم لفترة طويلة، فضلا عن تذبذب التيار في قطاع عريض من أم درمان، وتراوحه مابين غياب كلي و انقطاع لفترات عن الخرطوم بحري، وأضاف عبد الرحمن الشيخ أن جهود القائمين على أمر الكهرباء متواصلة على مستوى الترتيب الإداري والفني، يعكفون الآن على حصر الخسائر وتحديد متطلبات الصيانة توطئة لرفع تقريرهم النهائي لتوفير الموارد اللازمة لإعادة تشغيل المحطة.
تفاصيل رحلة شرق النيل ـ
في طريق ذهابنا وعودتنا إلى ومن منطقة شرق النيل متوجهين صوب أم درمان عبر كبري الحلفايا وقفنا عند العديد من المنشأت الاقتصادية والصحية والخدمية المهمة بمنطقة الخرطوم بحري ، شارع شمبات ، والصناعات وتقاطع الروبي مع الصناعات، والتي يلاحظ المشاهد أنها تعرضت للدمار المتعمد بفعل مليشيا الدعم السريع المتمردة,
شركات سين للغلال، سيقا وويتا، معرض الآليات الحديث.
تدمير مؤسسات صحية و معالم بحري :
مدينة البراحة الطبية من أكبر المؤسسات الصحية التي كانت تقدم خدمات مميزة للمواطنين بولاية الخرطوم، تعرضت لدمار كامل حتى أنه من الصعب الولوج إلى داخلها، كما أن البحوث الزراعية وكلية شمبات الزراعية لم تسلم من الدمار بجانب العديد من المنشآت والمنازل بضاحية كافوري مربعي واحد واثنين وأجزاء واسعة من شمبات.
يجدر بالذكر أن المنطقة خالية من السكان أو العاملين أو حتى المارة ، تبدو موحشة بإستثناء عربة يمكن أن تمر حاملة وقود أو خضار من ام درمان إلى بعض مناطق في شرق النيل.

قصص وحكاوي تروى لأول مرة :
ليلى والروضة خلف الله شقيقتين من سكان الديوم الشرقية بالخرطوم التقيناهن أثناء زيارتنا لمنطقة الرميلة التي نقل إليها الجيش السوداني سكان الديوم الشرقية والسجانة والمايقوما ، حماية لهم من بطش مليشيا الدعم السريع التي لم تبق فعلا شنيعا لم تمارسه ضدهم، ليلى والروضة اللتين تعملان بالتدريس في مدارس الديوم يجسدن وجها من مأساة انتهاكات المليشيا في حق المواطن السوداني إذ ألقت المليشيا بأزهري خلف الله شقيقهن الوحيد في البئر حيا.
أزهري الذي كان بحسب ماروى لنا بعضُ من أهل الديوم يعمل على إغاثة أهل الديوم ويحاول إنقاذهم من الموت جوعا بتنقله بين التكايا ليجلب الطعام لسكان الحي، لم تكتف المليشيا بأزهري بل ألحقته بثلاثة من رجال الديم ، إغتالتهم وقذفت بجثثهم داخل البئر،مافعلته مليشيا الدعم السريع بنساء الديوم والسجانة والمايقوما فاق احتمال الرجال فهربوا ليلا لما لم يتمكنوا من إغاثة النساء اللائي يصرخن طلبا للمساعدة مما الحقه بهن عناصر المليشيا من عنف جسدي.
إعتقال الشباب وتخويف النساء و الأطفال :
وبحسب روايات بعض أهل الديوم إقتادت المليشيا كبار السن من الرجال وأمرت الشباب بالبقاء ، فتمكن بعض الشباب من الهرب وأُعتقل بعضهم وقُتل البعض الآخر،حكى لنا بعض سكان الديوم أن عناصر المليشيا أمرت عدد كبير منهم، رجال، نساء وأطفال بالإستلقاء على الأرض وصوبت أسلحتها نحوهم بل وأصابت البعض في أرجلهم تهديدا وإرهابا، الكثير من الحكايات المؤلمة التي تدمي القلوب إستمعنا إليها من أهالي الديوم والسجانة والمايقوما وكلها تؤكد على وحشية وبربرية منسوبي مليشيا الدعم السريع الغاشمة.
قالت ليلى خلف الله المعلمة شقيقة أزهري الذي القته المليشيا في البئر حيا،عندما جاء الجيش وأنقذنا من بطش المليشيا قلتً لو أمرني الله بأن أسجد لغيره لسجدتُ للجيش السوداني.
![]()
شهادة ضابط وكشف الحقائق :
الرائد صيدلي الدكتور أحمد صلاح قائد مستشفى منطقة الشجرة العسكرية قال إن معظم الأسرى من العسكريين والمختطفين من المدنيين من قبل مليشيا الدعم السريع الذين كانوا بمعسكرات سوبا ، الرياض وطيبة وأم عشر ، يعانون من سوء تغذية حاد جدا فضلا عن تعرضهم للتعذيب الذي أنهكهم كثيرا وأدى الى عجز بعضهم عن الحركة كليا وفقدان بعضهم للأيدي أو الأرجل أو إحدى العينين أو كسور في أجزاء متفرقة من الجسد.
وأضاف أن مستشفى الشجرة باعتباره مشفى ميداني أبقى على الحالات الأقل فيما أحال الحالات التي تحتاج إلى رعاية طبية أكبر إلى السلاح الطبي بأم درمان، ووصف بعض الأسرى بأنهم عبارة عن هياكل عظمية متحركة وأنهم يحتاجون إلى عناية غذائية خاصة وبطريقة طبية محددة، وناشد قائد مستشفى الشجرة العسكري الجهات المسؤولة بالعمل على تهيئة مراكز إيواء خاصة بالأسرى والمختطفين بغرض تجميعهم في موقع واحد وتطبيق النظام الصحي الطبي المطلوب الذي يشمل التغذية والدعم النفسي، وبحسب ما أفادنا بعض من الأسرى الذين التقيناهم بمنطقة الشجرة العسكرية فإن مليشيا الدعم السريع كانت تطعمهم في اليوم قطعة صغيرة من عصيدة القمح مع كوب من الماء وأحيانا كانت تمنع عنهم الماء ، وقالوا إنهم كانوا يتناولون هذا الطعام وعناصر المليشيا تنهال عليهم ضربا بالعصي، وايضا أفاد شهود عيان منهم بأن المليشيا قامت بترحيل بعضهم إلى منطقة الصالحة بأم درمان وترحيل مايقارب المئتين من ضباط الجيش والجهاز والشرطة إلى مدينة نيالا في ولاية جنوب دارفور.
يذكر أن عددا كبيرا من الأسرى والمختطفين بحسب إفادات شهود العيان تفرقت بهم السبل وربما تاه بعضهم في مناطق الدخينات والقطينة وبعض مناطق أخرى حول جبل أولياء فيما أفادونا بوفاة خمسة من الأسرى قبل وصولهم إلى مستشفى الشجرة العسكري.
