شئ للوطن – م.صلاح غريبة – مبادرة الحوار السوداني – السوداني: بصيص أمل أم مجرد وهم؟
متابعة – منصة السودان –
المشهد السوداني شهد مؤخرًا تحولات متسارعة، أبرزها انعقاد الملتقى التفاكري بشرق السودان. هذا الحدث، الذي حمل في طياته طرح مشروع الحوار السوداني – السوداني، يمثل نقطة تحول محتملة في مسار الأزمة السودانية المستمرة. فهل هذه المبادرة هي البذرة التي ستؤتي ثمار السلام والاستقرار، أم أنها مجرد محاولة أخرى باءت بالفشل؟
تمثل مبادرة الحوار السوداني – السوداني خطوة جريئة في اتجاه المصالحة الوطنية. فبعد سنوات من الصراعات والانقسامات، يبدو أن هناك إجماعًا متزايدًا على ضرورة الحوار الشامل كمدخل لحل الأزمة السودانية. إن ما يميز هذه المبادرة هو أنها جاءت من القاعدة الشعبية، من المناطق التي عانت أكثر من ويلات الحرب، مما يعكس رغبة حقيقية لدى الشعب السوداني في التغيير.
تعتبر الشمولية من اهم نقاط القوة في المبادرة بمشاركة مختلف القوى السياسية والاجتماعية في الملتقى لتعكس رغبة في تحقيق تمثيل واسع للأطراف السودانية، مما يزيد من فرص النجاح، بجانب الواقعية من خلال إدراك المشاركين بضرورة آليات عملية لتنفيذ الحوار، وتركيزهم على تحقيق نتائج ملموسة على الأرض، والالتزام بالتأكيد على دعم القوات المسلحة والمقاومة الشعبية يعكس وجود إرادة سياسية جادة لإنهاء الصراع، مع توفر الدعم الشعبي بتأييد هذه المبادرة من قبل قطاعات واسعة من الشعب السوداني الذي يمنحها قوة دافعة كبيرة.
التحديات التي تواجه المبادرة كثيرة ومنها تعقيد الأزمة السودانية والتي تتسم بعمق تاريخي وتشابك القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية، مما يتطلب حلولًا شاملة وطويلة الأجل، مع انعدام الثقة، فالسنوات من الصراعات أدت إلى تآكل الثقة بين الأطراف السودانية، مما يجعل عملية بناء الثقة وإدارة الحوار أمراً بالغ الصعوبة، ووجود العديد من القوى الإقليمية والدولية ذات المصالح المتضاربة في السودان قد يعقد مسار الحوار ويشكل تهديدًا لنجاحه، مع وجود اختلافات أيديولوجية عميقة بين الأطراف السودانية قد يجعل من الصعب التوصل إلى توافق حول القضايا الأساسية.
من الأسئلة التي تطرح نفسها؛ هل يمكن لهذه المبادرة أن تتجاوز الانقسامات العميقة التي مزقت النسيج الاجتماعي السوداني؟
هل ستتمكن الأطراف السودانية من التوصل إلى توافق حول القضايا الخلافية الرئيسية
ما هو دور المجتمع الدولي في دعم هذه المبادرة وتوفير بيئة مواتية لنجاحها؟
كيف يمكن ضمان مشاركة جميع الأطراف السودانية في الحوار، بما في ذلك المرأة والشباب؟
مبادرة الحوار السوداني – السوداني تمثل بارقة أمل في خروج السودان من أزمته المستمرة. ولكن لتحقيق النجاح، يجب على جميع الأطراف السودانية أن تتحلى بروح المسؤولية الوطنية وأن تضع مصلحة الوطن فوق كل اعتبار. كما يجب على المجتمع الدولي أن يقدم الدعم اللازم لهذه المبادرة وأن يعمل على خلق بيئة مواتية للحوار والتفاهم.
في النهاية، يبقى السؤال المطروح: هل ستنجح هذه المبادرة في تحقيق السلام والاستقرار في السودان؟ الجواب على هذا السؤال يتوقف على مدى إرادة الأطراف السودانية في التغيير، وعلى مدى التزامهم بالعمل الجاد من أجل بناء مستقبل أفضل لسودانهم.