منصة السودان الاخبارية
معك في كل مكان

تعذيب الأطفال لأجل العلم.. التاريخ المظلم لعلم النفس وتجاربه غير الأخلاقية

وكالات – منصة السودان – في الممرات المظلمة والضيقة في مختبرات جامعة ستانفورد، تحرك المتطوعان، مايكل وجون (وهما اسمان مستعاران)، حيث صمم فريق بحثي سجنًا مؤقتًا لدراسة تأثير العوامل النفسية والظرفية في السلوك. وجد المتطوعان نفسيهما في مواجهة حقيقة مقلقة، فالتجربة التي شاركا فيها بخليط من الفضول الأكاديمي والمنفعة المادية، تحولت إلى أكثر كثيرًا من مجرد تجربة معملية. فمع مرور الساعات، بدأت شخصية جون، الذي عُين في التجربة حارسًا، في الانفصال تمامًا عن ذاته التي يعرفها سمحة القياد. مسلحًا بزيه الرسمي، ونظارته الشمسية العاكسة، والسلطة الممنوحة له، بدأ جون تبنّي نمط سلطوي في التعامل، ليجبر المتطوعين الذين أُعطوا أدوار السجناء، ومنهم مايكل، على الالتزام بقواعد تعسفية، وليمارس عليهم ألاعيب نفسية عدة. فوجئ جون بالسرعة والسهولة التي تحول بها إلى طاغية!

 

أما مايكل، فعلى الناحية الأخرى، فقد نُزعت منه إنسانيته، وأُعطي رقمًا يُنادى به بدلًا من اسمه، وهو ما أثر في نفسيته رغم علمه بأنه في تجربة علمية سيحصل منها على مقابل مادي. فكر في الاستسلام، وفكر في الاستقالة، وفكر أيضًا في المقاومة، لكن شيئًا ما دفع مايكل إلى الاستمرار في التجربة. اختفى الخط الفاصل بين سلوكه المحكوم بالتجربة، وحالته النفسية الحقيقية، فأصبح نومه مليئًا بالكوابيس، وصار تعامله اليومي مع المتطوعين الحراس بمثابة معركة نفسية مستمرة.

بعد مرور ستة أيام فقط، ومع تصاعد التوتر بين الحراس والمسجونين إلى درجة كبيرة، وازدياد الضغط النفسي على السجناء إلى حد مأساوي، قرر عالم النفس الذي صمم التجربة، فيليب زيمباردو، إيقافها، وهي التي كان مقررًا لها الاستمرار أسبوعين كاملين. يقول الطبيب زيمباردو: “عندما بلغت التجربة هذه الدرجة، قلت له: اسمع! أنت لست السجين رقم 819، اسمك مايكل! وأنا الدكتور زيمباردو، لست مشرفًا مسؤولًا عن السجن، أنا أستاذ في علم النفس، وهذا ليس سجنًا حقيقيًّا! كل ما تراه الآن مجرد تجربة، وكل هؤلاء طلاب مشاركون، ليسوا سجناء وليسوا حراسًا، مثلك تمامًا. هيا بنا، لنذهب من هنا!”.

 

لدهشة زيمباردو، توقف مايكل عن البكاء فجأة، ونظر إليه كطفل صغير استيقظ لتوه من كابوس، وأجاب في هدوء: حسنًا، لنذهب!”.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.