بقلم : محمد سنهوري الفكي الامين
في خضم الأزمات الاقتصادية الطاحنة، يلوح في الأفق أحياناً بصيص أمل زائف، يتجسد في وعود براقة بالثراء السريع، ليتحول هذا الأمل سريعاً إلى كابوس يبتلع مدخرات الآلاف. هذه هي القصة المأساوية التي عاشها عشرات الآلاف من السودانيين الذين وقعوا ضحية لعملية احتيال استثماري ضخمة، نسجت خيوطها شركة استغلت حاجة الناس وشغفهم بالربح الوفير في زمن قياسي , لقد كانت الوعود بتحقيق ثروات طائلة، عبر استثمارات في قطاعات متنوعة كالعقارات والزراعة والطاقة، مغرية لدرجة أن ما يقارب ستة وثلاثين ألف مساهم، من موظفين وعسكريين ومواطنين عاديين، ضخوا ما يقدر بثمانين مليون دولار في هذا المشروع الوهمي ، كانت قيمة السهم الواحد ثلاثين ألف جنيه سوداني، مع توقعات بعوائد شهرية مجزية، وهو ما دفع الكثيرين إلى المخاطرة بكل ما يملكون، من أراضٍ ومجوهرات، بحثاً عن الأمان المالي.
لم تدم نشوة البداية طويلاً، فسرعان ما بدأت علامات التملل والتماطل تظهر على الشركة، التي كانت تحمل اسمًا جذابًا وواجهة أنيقة، لكنها كانت تخفي وراءها عملية “نصب ممنهجة”، بحسب وصف أحد الضحايا. ومع تبدد الأرباح الموعودة، تحولت آمال المساهمين إلى مخاوف حقيقية، خاصة بعد أن تزامن توقف صرف العوائد مع اندلاع الحرب، لتتخذ إدارة الشركة من الظروف الاستثنائية ذريعة لتبخر رأس المال. لكن الحقيقة التي كشفت عنها المعلومات اللاحقة كانت أكثر مرارة؛ إذ تشير التقارير إلى أن الإدارة، التي تضم رجل أعمال يمني الجنسية وشريكين سودانيين، استغلت الفوضى لتهرب بالأموال إلى خارج البلاد، وتحديداً إلى الإمارات وسلطنة عمان، حيث يُعتقد أنها تدير استثمارات ضخمة في العقارات والعملات الرقمية بأموال الضحايا.
المزيد من المشاركات