وكالات ـ منصة السودان ـ
في المسار الرياضي بالعاصمة السعودية يجد السكان مساحة للتريض والاستمتاع بأماكن للمشي في عاصمة مزدحمة، وتشمل التجربة أيضاً المتعة الثقافية والفنية.
يبلغ طول المسار الرياضي 135كم من المسارات المخصصة للمشاة والدراجات، وأكثر من 23 موقعاً رياضياً، ويضم تسعة متاحف ومراكز ثقافية، إضافة إلى الفعاليات والأسواق المجتمعية والفنون.
وأخيراً دشن مشروع فني ضخم باسم «برج الفنون» وهو للفنان السعودي عبد الناصر الغارم، ويرتكز تصميمه على خلق تجربة فريدة تأخذ الزوّار في رحلة تصاعدية عبر طبقات متعددة، لتقديم بانوراما عمودية فيها الضوء يلعب مع اللون، والظل يحاور الشكل.
بحسب رؤية الفنان فبرج الفنون يتعدى كونه مجرد مجسم جمالي، ويصبح تجربة تُعاش عند كل زاوية حيث تتبدل الألوان على مدار اليوم لتتغير مع أشعة الشمس ومع الغيوم، وأيضاً مع حركة المارّة.
يبلغ الارتفاع الإجمالي للبرج 83.5 متر، وتم تركيب 691 لوحة ملوّنة تُشكّل واجهته النابضة بالحياة. كما تبلغ أبعاده عند القاعدة (المستوى 0.00) 33.39 متر × 33.39 متر، مما يضفي عليه حضوراً لافتاً على مستوى التصميم والموقع.
استلهم عبد الناصر الغارم من ألوان الطيف، من زخارف نعرفها من بيوتنا القديمة، ومن المثلث؛ الشكل البسيط في تكوينه، لكنه قوي ويوحدّ جميع الموتيفات، لكون المثلث دائم الحضور في حضارتنا. كان الهدف أن يشعر الناس أن هذا البرج ينتمي لهم، ليس لأنه يشبه ما يعرفونه، بل لأنه يشُعرهم بأنهم مرئيّون داخله.
وبحسب الفنان فلم يكن الأمر سهلاً فكان من المهم وضع حركة الرياح في الحسبان «كان علينا إعادة التفكير في عدد الشرائح، وتوزيعها، ليس فقط لسلامة الهيكل، بل كي يتنفس. التصميم لا يكون حياً إذا لم يكن قادراً على التأقلم مع بيئته ومحيطه. كانت الرياح تُعلمّني أن أي مشروع لا يُقاوم الطبيعة، بل يتعلمّ التواضع أمامها. ولذلك، لم يكن عدد الشرائح قراراً تقنياً فقط، بل كان حواراً مع الهواء، مع الحياة، مع حدودنا نحن البشر. وأصبحت الرياح شريكاً في التصميم، وتعلمّت منها كيف أترك فراغاً بين الشرائح، ليبقى البرج متغيّراً، غير مُحكم»
يهدف «برج الفنون» إلى أن يصبح بوصلة إبداعية ضمن المسار الرياضي، يساعد الزائر على تحديد موقعه، ويُشكّل نقطة التقاء محورية بفضل تعدد المسارات التي تؤدي إليه.
بدأت فكرة هذا المشروع ضمن مستهدفات «رؤية 2030» المتمثلة في رفع نسبة ممارسة الرياضة بين أفراد المجتمع، وتحسين جودة الحياة عبر توفير بنية تحتية حديثة تساهم في جعل الرياض مدينة صديقة للبيئة والنشاط البدني، وهي مبادرة من ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، حيث أُعلن في مارس (آذار) 2019 عن المسار الرياضي كمبادرة ضمن مشاريع الرياض الأربعة الكبرى – الرياض الخضراء، الرياض آرت، حديقة الملك سلمان بارك، المسار الرياضي.

بالنسبة لغارم، فإن «رؤية 2030»، مثل «برج الفنون»، ترفع أعيننا إلى الأعلى دائماً، وتحفزنا على القفز من المألوف إلى غير المتوقع، وتدفعنا إلى الانفتاح على المستقبل بعيون خيالية.
ويجسد هذا البرج الفني ذلك التحوّل بعمق. فمن خلال إعادة توظيف رمز من رموز الطاقة وتحويله إلى منارة للتعبير الفني، يُبرز غارم الدور المتغير للثقافة والفن في مسيرة التنمية السعودية. ويُظهر هذا الفعل أن الثقافة، تماماً كحال الطاقة، تُعدّ بنية تحتية أساسية تستحق الاستثمار.