مقالات الرأي
أخر الأخبار

مستشار رئيس حركة العدل والمساواة بشارة سليمان نور يكتب عن مؤتمر باريس.  ” فرنسا: البحث عن دور مفقود..”

مستشار رئيس حركة العدل والمساواة بشارة سليمان نور يكتب عن مؤتمر باريس.

(فرنسا: البحث عن دور مفقود..)

 

/ باريس تظن أن السودان يمكنه استقبال سلوكها الاستعماري بسهولة ويسر..

/ فرنسا تعلن بوضوح دعمها واشتراكها مع الجنجويد في جرائم القتل والتهجير والنزوح والنهب..

/ من المخزي تهافت الساسة السودانيين نحو فرنسا في وقت تشهد فيه افريقيا موجة تحرر ضد الهيمنة الفرنسية ..

/ على رئيس واعضاء مجلس السيادة ان يعلموا ان هذه الحرب قامت اساسا من اجل الحفاظ على السيادة الوطنية..

# مخالفة الاعراف الدولية..

نظمت الحكومة الفرنسية مؤتمرًا لمناقشة الأوضاع السياسية والإنسانية في السودان بحسب ادعائها المزعوم،ودعت له مجموعة من الدول باستثناء الحكومة السودانية،وهو أمر مخالف للأعراف الدولية المرعية في حل النزاعات والوقوف على أسباب المشكلات، ولكن الأمر من أصله لايستغرب، فالترتيب والسلوك يشابه تماما التاريخ الفرنسي في التدخلات السياسية ولكن هذه المرة يأتي كسلوك تعويضي للثقافة السياسية الفرنسية التي ظلت سائدة في غالب المستعمرات الفرنسية التي كادت أن تفقدها بالكامل خصوصًا في الوسط والغرب الأفريقي حيث رأينا موجة استكمال التحرر الأفريقي من الاستعمار الفرنسي الحديث، وكيف تم إخراجها – أي فرنسا – من مالي والنيجر وبوركينا فاسو وأخيرا وليست آخرًا من السنغال وبطريقة ديمقراطية كاملة الدسم؛ هذا الانحسار للدور الفرنسي في أفريقيا بالتوازي مع فقدانها لتأثيرها التاريخي على سوريا ولبنان ممّا جعلها تبحث عن أي منطقة أخرى تمارس فيها ذات الأساليب؛ وبحسب ظنها فإن السودان هو المنطقة ذات الضغط المنخفض التي يمكنها استقبال السلوك الاستعماري الفرنسي بسهولة ويسر، خصوصا بعدما توافرت لها مليشيا تشابهها من حيث السلوك الإجرامي في القتل والتهجير ونهب الموارد ممثلة في (الدعم السريع) مصحوبًا بشتات سياسي لايستحق حتي إطلاق مسمى قوة سياسية مدنيّة عليه، وهو ذاته الأمر الذي دفع الرئيس الفرنسي ماكرون في لحظة انتشاء استعماري أن يصرح أمام هذا الشتات بعدم اعترافه بالحكومة القائمة بالسودان؛ وهذا أمر كان يستدعي اعتراض الحضور إن كان لهم وعي بالسيادة والاستقلال والوطن، نعم صرح ماكرون بذلك وفقًا لحالة القابلية للاستعمار التى مثلها شتات السياسيين اللاوطنيين، ونسي أو تناسى في خضم ذلك أن هنالك تمثيل دبلوماسي قائم بين الحكومتين وفقًا لاتفاقية فيينا للعمل الدبلوماسي!! ،وبهذا فإن الموقف الفرنسي يعلن وبوضوح دعمه بل واشتراكه مع المليشا في جرائم القتل والتهجير والنزوح والنهب التي يتعرض لها الشعب السوداني في الخرطوم ودارفور وكردفان وولايات الوسط الثلاثة..

# التطابق بين فرنسا والجنجويد..

ومن الضروري الإشارة إلى أن الحكومة الفرنسية تتخذ هذا الموقف بكامل وعيها السياسي والاستراتيجي وأن تحالفها مع المليشيا يأتي في إطار التشابه الذي يكاد يصل لدرجة التطابق بين ماتقوم به المليشيا وذلك الماضي الفرنسي البعيد والقريب؛ ولفرنسا إرث كبير من الكراهية تجاه المجتمعات الأفريقية والمسلمة، فالحروب الصليبية التي استهدفت المسلمين انطلقت أولى حملاتها من فرنسا، كما هو معروف ومشهور، كما أن جرائم فرنسا إبان استعمارها للدول الأفريقية لاتزال آثارها شاخصة حيث لاتزال الشعوب الأفريقية تعاني من الفقر والجهل والحروب التي تدار وفقا للاستراتيجية الفرنسية القائمة على (التحكم والسيطرة والإلهاء بالحروب الاهلية)؛ فالجزائر تعدّ العنوان الأبرز للسلوك الفرنسي،حيث قتلت فرنسا في الجزائر مايقارب ثلاثة ملايين جزائري في فترة استعمارها التي امتدت مابين 1830 – 1962حيث ذكر الرئيس الجزائري تبون قبل أشهر أنّ الشهداء الذين قتلتهم فرنسا قد تجاوز عددهم الخمسة ملايين ولازال الفرنسيون يحتفظون برفاة المجاهدين،كما لايزال الجزائريون يقومون بإحياء ذكرى المجازر الفرنسية حماية لبلادها من نموذج أشتات السياسيين السودانيين الذين مثلوا ببلادهم أمام ماكرون؛ فالكراهية الفرنسية لم يسلم منها حتي المفكر الفرنسي روجيه جارودي الاشتراكي حيث تم نفيه للجزائر وطلب من جندي جزائري قتله ولكنه رفض،وكان هذا سببا ل لإسلامه لاحقا.

#العار والخزي..

إن المخزي للسياسيين السودانيين الذين شاركوا في هذا

المؤتمر الذي جاء بعيد موجة التحرر الأفريقية ضد فرنسا ولقد شاهد العالم الحر كيف أن النيجر قادت معركة تحرر وطني مستندةً في ذلك فقط على شعبها وعلى الوعي الأفريقي الذي انتظم الغرب والوسط الأفريقي وكيف أن باريس فشلت في أن تجد سياسيين خونة ضد هذه الموجة التحررية العسكرية المسنودة جماهيريا في كل من مالي والنيجر وبوركينافاسو والسنغال وأفريقيا الوسطي والخطوات ماضية لدول أخرى في أفريقيا، ويكمن السر وراء الدعم الجماهيري في غرب أفريقيا للحكومات التحررية لتيقنها الكامل بأن فرنسا تقف خلف إدخال ثقافة الرشاوي والفساد ونهب الموارد الأفريقية حيث تسيطر بشكل كامل علي قطاعات النقل والمقاولات في وسط وغرب أفريقيا وتسيطر علي 50% من الاحتياطي المالي لهذه الدول حيث يوضع في البنك المركزي الفرنسي بحجة أنها توفر الالتزامات الاقتصادية لهذه الدول وتديرها عبر الفرنك الفرنسي الموحد،وكل هذا أضحى الآن مهددا حيث خرجت بعض الدول عن مظلة الفرنك وتجري الترتيبات لطباعة عملتها الخاصة بها يتبعها بذلك الاحتفاظ بالاحتياطي المالي داخل بنوكها المركزية الوطنية؛ كل هذه الممارسات تؤكد أن فرنسا لاتزال دولة استعمارية لاهم لها سوى نهب موارد الأفارقة،كما أن دورها في النزاعات والحروب الأهلية موثق، فهي الصانعة والممولة لحرب(بافاريا)1966..1970،حيث أشعلت فرنسا الحرب بعد طردها من الجزائر وبعد أن قامت الجزائر بتأميم القطاع النفطي فتحولت الأطماع الفرنسية تجاه النفط النيجيري،حيث

كان يتم تمويلها عبر السفير الفرنسي في الغابون ،كما أكدت وثائق التحقيق الرواندية في المجازر التي وقعت فيها وذلك عبر المكتب القانوني الأمريكي الذي تم اختياره للقيام بهذه المهمة في العام2017، فقد كانت أحد اقوى الأسباب لوقوع المجازر التطهيرية في رواندا أن فرنسا تتحمل العبء الأكبر لعلمها المسبق بأن الهوتو يعدون العدة لارتكاب جرائم حرب ولكنها سكتت، ولذلك كانت الجرائم كبيرة وفادحة وصادمة والسفير الفرنسي كان موجودا ولم يفعل شيئًا، في ليبيا أيضا لعبت فرنسا ذات الدور (إشعال الصراعات) بعد سقوط القذافي خصوصا في الجنوب الليبي في المنطقة الحدوية بين ليبيا وتشاد والنيجر وذلك لوجود أكبر حوض نفط وغاز في هذه المنطقة والآن هنالك شركات فرنسية تسعى للسيطرة على هذه المنطقة.

# سدنة سياسيين وغياب الوعي الوطني..

ولذلك يجب على الشعب السوداني أن لايستغرب تجاهل الحكومة الفرنسية للحكومة السودانية والدوس علي كل المواثيق والقوانين والأعراف الدولية التي تنظم العلاقة بين الدول وتحافظ على السيادة الوطنية في إطار القانون الدولي؛ فرنسا التي تم اكتشافها وطردها تريد أن تمارس على بلادنا سلوكا تعويضيا على ما افتقدته في مستعمراتها السابقة،ووجدت شريكا دمويا وسدنة سياسيين مفتقدين للحس الوطني ومعزولين عن الوعي الوطني و التحرري المنتظم للقارة الأفريقية؛ فالدعم المتمرد الدموي تربطهم به مصالح الاتجار بالبشر والهجرة غير الشرعية،ونهب الموارد، وتحالف مصلحي مع دولة( ) ومايجري بين الثلاثي بحق بلادنا هو تنفيذ لاتفاق مسبق بينهم وقع في العام 2023،مضمونه إعادة( بازوم) لحكم النيجير بدعم من الدولة الغنية والمليشا وبالمقابل تقدم فرنسا الدعم السياسي والإعلامي لمليشا الدعم المتمردة ،فالمؤتمر هذا يأتي ضمن الالتزام الفرنسي مع وعد فرنسي بغض الطرف عن كافة تصرفات مليشا الدعم بحق الشعب السوداني؛ وتشاد أيضا كانت طرفا في هذا الاتفاق حيث يسعى الرئيس التشادي لتأمين دعم باريس له في الانتخابات القادمة.

#الدخول من الابواب الخلفية..

ولهذا يجب أن يدرك الجميع وعلى رأسهم الحكومة السودانية أن ما جرى في فرنسا ورعايته تحت مسمى دعم المجهود الإنسانية ماهو إلا محاولة فرنسية للدخول من الأبواب الخلفية لممارسة ذات الأساليب الاستعمارية التي بسببها تم طردها من وسط أفريقيا وغربها؛ والتي لم تقتصر ثورة التحرر فيها على المستوى السياسي والاقتصادي فقط؛ بل وحتى على المستوى الثقافي ومن خلال تواجدي وتجوالي الذي امتد لأكثر من ثلاثين عاما في هذه المنطقة فقد لاحظت التلاشي الكبير للتأثير الفرنسي على المزاج والوجدان الأفريقي ثقافيا واقتصاديا؛ وكمثال فقط (لا للحصر) فقد كانت سيارات البيجو والرينو الفرنسية هي المسيطرة على دول غرب ووسط أفريقيا والآن تكاد لاتجدها في شوارع هذه الدول فمنذ تسعينيات القرن الماضي بدأت النمور الآسيوية في منافستها انتهاءً بالتوسع الصيني والروسي الذي يقوم على تبادل المصالح وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لدول القارة الأفريقية وقد تصاعد التبادل التجاري بينها وهذه الدول لأرقام فلكية تشير إلى نجاعة التعاون ومردوده الإيجابي على المجتمعات والحكومات الأفريقية. وبعد عقد من الآن لن يكون أمام فرنسا غير الدخول بالابواب الأمامية وفقا لمبدأ الندية والاحترام المتبادل القائم علي قواعد القانون الدولي؛ وعندها سيكون مرحبا بها كغيرها من الدول ولهذا وجب تذكير السيد رئيس مجلس السيادة وأعضاء مجلس السيادة أن هذه الحرب قد قامت أساسًا من أجل الحفاظ على السيادة الوطنية والتي بموجبها يتم حماية الأمن القومي والموارد القومية من النهب وذلك بمقاومة الوصاية الخارجية والتدخل السافر المتجاوز لكل القوانين والأعراف الدولية عليهم بعدم الركون لمحاولة الالتفاف الفرنسي والتهديد بالعقوبات فهم لايستطيعون أن يفعلوا شيئًا في مجلس الأمن في ظل التنسيق السوداني مع بكين وموسكو؛ وإن كانت هنالك منظمات تريد تقديم مساعدات إنسانية فالسودان لم ولن يرفض ويتم ذلك كما تم منذ اندلاع هذه الحرب عبر الآليات الحكومية الوطنية ،والتي تعمل وفق هوادي القانون الدولي الإنساني ،كما يجب أن تقوم وزارة الخارجية بدورها الريادي في معركة صون السيادة الوطنية فكان بإمكانها إصدار بيان يذكر كل الدول التي تمت دعوتها لهذا المؤتمر بأنه مخالف لقواعد القانون الدولي حيث لايمكن تجاوز الحكومة الشرعية التي تعترف بها الأمم المتحدة وأن اللقاء بحلفاء المليشيات المتمردة يعد دعما وتشجيعا لها للاستمرار في جرائمها بحق السودانيين.

فرنسا نمر من ورق فهي تسعى فقط لمصالحها وإن جاءت على جماجم الشعوب فقد باعت شعارات الثورة والتنوير ببضع مليارات من الدولارات تلقتها من دولة( ). إن الالتفاف الشعبي حول قوات الشعب المسلحة غير مسبوق وإن بلادنا التي نالت شرف أول دولة تنعتق من نير الاستعمار بل مدت عونها لكل حركات التحرر الأفريقي لايجب أن تكون الدولة التي تريد فرنسا أن تعيد عبرها بريقها المفقود بعد أن تم طردها من دول غرب ووسط أفريقيا والذي سيتكمل قريبا بخروجها من تشاد والكامرون،.

علي قيادة المجلس السيادي أن تكون حاسمة تجاه التدخلات الخارجية بمايشابه عزمها في مواجهة التحديات الداخلية فالاثنان يتكاملان في العمل لإلحاق الأذى بالسودان،

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock