تقارير
أخر الأخبار

حوار مثير مع أمين سر حزب البعث العربي على الريح السنهوري

أمين سر حزب البعث على الريح السنهوري في حوار مع الجريدة : الحلقة الثانية : ..

 

اتهام الدستور والاطاري بأنه مشروع أمريكي كلام ساذج ومحاولة لالقاء المسؤولية على الغير .

إذا كانت هنالك قوى تخضع لإملاءات خارجية فهذه ليست قوى سياسية مسؤولة..

حريصون على إحترام استقلالية وديمقراطية لجان المقاومة

القوى التي وقعت على الإتفاق تتحمل المسؤولية كاملة ..

عدم التوافق مع قوى الثورة قبل ابرام الإتفاق الإطاري هو نوع من الوصاية .

حوار/ عبدالرحمن حنين

 

 

مفارقة حزب البعث العربي الإشتراكي لتحالف قوى الحرية والتغيير قبل التوقيع على الإتفاق الإطاري أثار كثير من الشكوك والمظان حول الإتفاق الإطاري ،كما فتح أيضاً مجالاً واسعا للحديث حول كثير من المزاعم التي تحدثت عن هويته وعن الجهات التي تقف من خلفه ،وهي ذات الشكوك التي حامت حول حقيقة وثيقة دستور المحامين ،هذا عطفاً على أن الإتفاق زاد الشارع الثوري إشتعالاً ،كما أنه لم يخفض من الأصوات التي ظلت تتمسك باللاءات الثلاث ..الجريدة حاولت جاهدة لأجل تقصي الحقائق حول جذور الخلاف داخل مكونات تحالف قوى الحرية والتغيير فكان أن جلست لأمين سر حزب البعث العربي الإشتراكي الأستاذ على الريح السنهوري الذي بدروه دافع عن فكرة مفارقة قوى الحرية والتغيير ولكنه بالمقابل لم يقلل من رفاق الأمس كما درج بعض السياسين أن يفعلوا كلما أتيحت لهم الفرصة لذلك .

(السنهوري ) لم يكتف بالحديث عن القضايا بل تجاوز ذلك عندما رسم صورة غاتمة للإتفاق الإطاري وقطع جازماً ان البرهان لن ولم يلتزم به ،وأردف :ومثلما لم يعلن أبو لهب إسلامه ولونفاقاً ، لن يدفع الفريق البرهان بإستقالتة ..!

 

 

الإتفاق الإطاري من يدفع به ومن يقف من خلفه ؟

هذه ليست المرة الأولى التي تؤدي فيها اجتهادات بعض القوى السياسية على إرباك حركة النضال الوطني في مواجهة الأنظمة الديكتاتورية ، تكرر أمر

مصالحتها بذات المبررات في مواجهة نظام عبود ونظام نميري وبشكل خاص في ظل نظام الإنقاذ ، ولكن الجماهير تجاوزت قياداتها التي لم تتعلم من تجاربها ونجحت في نهاية المطاف من إسقاط ثلاثة أنظمة بانتفاضات شعببة سلمية ..

هنالك من يصف مشروع التسوية بأنه مشروع أمريكي وخاضع للوصاية الدولية

هذا إتهام ساذج ،وهي محاولة لرمي المسؤولية على الآخرين ، المسؤلية بالأساس تقع على عاتق القوى السياسية التي وقعت على الإتفاق الإطاري ،وليست مسؤولية القوى الدولية أو الإقليمية ،ودور القوى الإقليمية والدولية ينطلق من مصالحها الخاصة ولكن يظل صاحب القرار المسؤول عن إتخاذ هذه الخطوة هو القوى السياسية التي وقعت على الإتفاق الإطاري ، نحن قطعاً لاننكر دور القوى الإقليمية والدولية في إسناد الإتفاق ودعمه والدعوة للإلتحاق به بل وتهديد بعضها لمن يعوقه ،ولكن القرار ليس بيدها وإنما بيد القوى السياسية ،وإذا كانت هنالك قوى تخضع لإملاءات خارجية فهذه ليست قوى سياسية مسؤولة ، وليس من المعقول أن توقع هذه القوى بإرادتها ثم نأتي وتحمل المسؤولية لجهات خارجية .

س : يرى البعض أن الإتفاق من شأنه أن يقلل من حجم (التكاليف)، سواء عبر توقف نزيف الدم عطفاً على إختصار الزمن ؟

ج : فيما يتعلق بالمسؤلية الوطنية تجاه السودان فقد سمعت هذا الكلام في تصريحات بعض القوى السياسية ولكن هذا المنطق ينطوي على استعلاء على الشعب ودرج على استخدامه الإنقلابيون على الأنظمة الديمقراطية ، وكل القوى السياسية والاجتماعية تدعي ان مواقفها تنطلق من المصلحة الوطنية. ولكن المسؤولية ليست حصراً على تحالف قوى الحرية والتغيير ، وهذا التحالف ليس وصياً على الشعب ليقرر تقديم تنازلات تودي إلى شرعنة الإنقلاب درءآ للمخاطر ، وإذا كانت هذا المخاطر تستوجب تقديم تنازلات أمام الإنقلابيين هذا ليس شأن الحرية والتغيير لوحدها بل كان ينبغي التشاور والتوافق مع أطراف قوى وجماهير شعبنا الحية أو ماتسمى بقوى الثورة لإتخاذ مثل هذا القرار الخطير ،ولكن اتخاذه بشكل متفرد من قوى الحرية والتغيير وإن كان ذلك دافعها ومبررها فهذه خطوة تعبر عن إتجاه إستعلائي ومحاولة لفرض الوصاية على قوى الثورة وجماهير الشعب وإن إبداء الحرص على سلامة شبابنا أيضا تعبر عن الوصاية ، لماذا لم يستشار لماذا لم يتم التشاور والتوافق معهم . إن شباب مقاومة الإنقلاب لم يبدوا أي تراجع جراء مايقدمونه من تضحيات ممهورة بدماء الشهداء ، بل واصلوا مسيرتهم النضالية بحماسة وبشكل غير مسبوق لإسقاط الانقلاب، هذا تبرير غير مسنود ، والغريب أن هذا الإتفاق تم رغم دعوة قوى المقاومة للوحدة وتنسيق الجهود لتصعيد النضال واعلان الإضراب السياسي والعصيان المدني الذي تهيأت أسبابه ،ان الإتفاق قد قطع الطريق أمام وحدة قوى التحالف مع أهم مكونات الثورة من لجان المقاومة والقوى النقابية والمهنية والديمقراطية .

 

 

س :لماذا جاءت مفارقة حزب البعث لتحالف الحرية في هذا التوقيت ؟

ج : المفارقة تمت نتيجة لمفارقة تحالف قوى الحرية والتغيير للمبادئ التي أقرت في خط البداية وهي إسقاط نظام الإنقاذ وبناء نظام ديمقراطي ومايتطلبه ذلك من إجراءات في الفترة الانتقالية ،وهو ذات الموقف الذي إلتزمت به قوى الحرية والتغيير بعد إنقلاب الخامس والعشرون من أكتوبر ، وتوافقت على بناء جبهة شعبية عريضة تستوعب كافة قوى الثورة التي لم تنتظم داخل تحالف الحرية والتغيير وتصعيد الإنتفاضة وصولاً للإضراب السياسي والعصيان المدني….. .

س : ألا تري أن قرار المفارقة تأخر كثيراً ؟ كثيرون يعتقدون أن حزب البعث كان ذو نفوذ وصلاحيات واسعة داخل اجهزة ومؤسسات فهل هذا الخروج يعكس تراجع ذاك النفوذ ؟

ج : مسألة النفوذ كلام غير صحيح ،حزب البعث كان أحد مكونات تحالف الحرية والتغيير الرئيسة ، ولكن اتخاذ القرارات يتم بشكل ديمقراطي ،فإن كل القرارات تتخذ عبر التشاور والنقاش بشكل ديمقراطي وفق رأي الأغلبية الذي ينبغي ان يسود والأكثرية هي التي قررت التوقيع على الاتفاق الأطاري

س : ماهي التكتيكات التي قدرتموها للإنتظار طوال تلك الفترة قبل إعلان الخروج من التحالف ؟

ج : حزب البعث كان يبذل قصارى جهده داخل المجلسين المركزي والتنفيذي للتحالف للتحذير من مغبة التسوية ، وكان حريصاً ولايزال على إقناع تنظيمات التحالف لتصحيح موقفها والعودة الى خندق الشعب وذلك إنطلاقاً من إيمانه بأن الأحزاب تظل هي أعمدة النظام الديمقراطي ،ووجود أحزاب قوية هي إحدى الضمانات لإقامة نظام ديمقراطي مستدام ،وبالمقابل فإن سيرها على خطى التسوية يضعفها ويضعف النظام الديمقراطي المنشود .

س : هل إستطاعت تلك الإتصالات من خلق مقاربات بينكم ورفاق الأمس ؟

ج : كانت كثير من القوى التي وقعت على الإتفاق الإطاري على قناعة تامة بأن التسوية مع الانقلاب لن تحقق الغايات المنشودة وصولاً الى التحول الديمقراطي ، وتدرك أن قائد الإنقلاب قد أدمن المراوغة والمناورة ولكن للأسف ظلت تتراجع بانتظام الى أن وقعت في شراك التسوية لذلك نحن نسعى الى عودة من يتدارك الأمر منهم الى الموقف الصحيح وسنسعى لذلك قدر المستطاع .

البعض يتحدث عن اتصالات حثيثة جرت بينكم وعدد من القوى السياسية وأطراف خارجية ماحقيقة الامر ؟

نحن كحزب سياسي نتواصل مع أطراف من القوى السياسية بمافيها بعض القوى التي وقعت على الإتفاق الإطاري كما أشرت سلفاً ،وذلك من أجل تصحيح موقفها والإنخراط في مشروع جديد لبناء جبهة جديدة ، كما أننا نتابع بإهتمام مواقف كافة القوى السياسية خارج الحرية والتغيير الرافضة لشرعنة الإنقلاب ،وكذلك نراقب الكيانات الحية في المجتمع وعلى رأسها لجان المقاومة والكتل النسوية والتنظيمات الديمقراطية والمهنية والطلاب وروابط المزراعين ، كل هذه الكيانات سوف نسعى للتنسيق معها بكل قوة ، وفيما يتعلق بإتصالات الحزب ، هنالك اتصالات جرت من بعض الرفاق في الحرية والتغيير للتواصل مع الحزب وليس لإثنائه عن موقفه وهم في الحقيقة عبروا عن إحترامهم لموقف الحزب وخياراته ، أما على المستوى الخارجي فلم نجري أي إتصالات .

س : لكن هنالك من يرى أن بمقدور هذا الإتفاق ان يصلح حال البلد ويقلل من مشاهد سفك دماء الشباب وازهاق أرواحهم أو بمعني أخر أنه خارطة طريق لانتشال الوطن من براثن الصراع ؟

ج : لقد علقت على سؤالك حول ادعاء الحرص على الشباب أما ادعاء انتشال الوطن من براثن الصراع فهذا تبرير وليس له سند من الحقيقة ، وقد درجت الأنظمة الدكتاتورية على البلاد على طرح موضوع المصالحة الوطنية لمواجهة التحديات والمخاطر الداخلية والخارجية وهو تكتيك استخدمته لإستدراج قوى المعارضة وتفتيت جبهتها ،ولكن كل هذه المحاولات لم تحقق نتائج إيجابية منذ إبراهيم عبود واتفاق بورتسودان ومشاركة الإسلاميين في نظام مايو مروراً بالمصالحات التي جرت بين بعض القوى السياسية ونظام الإنقاذ ومشاركتهم في السلطتين التنفيذية والتشريعية والتي باءت جميعها بالفشل ،ولم تحقق اهدافها المعلنة لإحداث التحول الديمقراطي أو درء المخاطر والحفاظ على وحدة السودان وأمنه والشواهد ماثلة أمامكم اذ نتج في ظلها تشطير السودان لدولتين وتفجر الأوضاع في مختلف ارجائه . أما في الظرف الراهن ففد كان انقلاب البرهان محشوراً في زاوية ضيقة ويعاني من عزلة خانقة عن جماهير الشعب رغم المحاولات لإحاطة الإنقلاب بحشود مصنوعة من بعض الإدارات الأهلية وبعض الطرق الصوفية وبعض الحركات المسلحة ومثال لذلك (اعتصام الموز ) ومبادرة الجد الى جانب محاولولات خلق أشكال موازية باسم الحرية والتغيير ،كل تلك المحاولات باءت بالفشل وظل الإنقلاب يعاني من عزلة شعبية خانقة إضافة لعزلته الإقليمية والدولية ،ولكن نجاحه في إستدراج تحالف الحرية والتغيير قد أدى الى شرعنته والى إرباك الحركة الجماهيرية ، لقد تم توقيع هذا الإتفاق والانقلاب في أضعف حالاته وفي ظرف بدأ فيه العمل الجدي لوحدة قوى الثورة وشهدت فيه البلاد العديد من الإضرابات وسط القوى المهنية ووسط التجار مع توقف أغلبية المصانع عن الإنتاج جراء سياسة وزير المالية وكنا قاب قوسين أو أدنى من بناء الجبهة الشعبية وإعلان العصيان المدني والإضراب السياسي العام لكن نتج عن إعلان هذه التسوية ارباك المشهد السياسي والجماهيري وبالنتيجة فقد أدت الى إنقاذ الإنقلاب وليس الى انقاذ البلاد ، ومع ذلك فإن القوة الحية في المجتمع لم تتراجع وإنما باعادة تنظيم صفوفها وتصعيد حراكها وسوف تنتصر إردة الشعب ، وكما ذكرت فان هذه ليست المرة الاولي التي تقدم فيها بعض القوى السياسية على إرباك حركة النضال الوطني في مواجهة الأنظمة الدكتاتورية ،تكرر الأمر بشكل خاص في نظام الإنقاذ ولكن الجماهير تجاوزت قياداتها ونجحت في نهاية المطاف من إسقاط ثلاثة انظمة بانتفاضات شعبية ذات طابع سلمي

س : هل كان رفضكم للاتفاق الإطاري خطوة لعدم تكرار تجربة التسويات السابقة مع العسكر ؟

نحن لدينا مقولة مشهورة للقائد المؤسس تختصر تعريف الإنقلابات العسكرية بأنها بفعل مجموعة من الضباط تتسلط على الشعب باسم الجيش وعلى الجيش بإسم الشعب. وقد حاول الفريق البرهان توصيف الصراع بأنه بين المدنيين والعسكريين ، وهذا غير صحيح ، ولم يكن كذلك في يوم من الأيام ،حقيقة الصراع إنه بين قوى الاستبداد والفساد وبين قوى الديمقراطية وتغليب أرادة الشعب ، والمعلوم أن القوات المسلحة ليست حزبا ، ولاجماعة ، هي مؤسسة قومية ذات حيدة يسودها الإنضباط والضبط والربط وتلتزم بواجباتها الدستورية المعلومة ،وبالتالي هي ليست مؤسسة سياسية حتى تكون طرفاً في الصراع السياسي بل هي اول ضحايا الانقلابات العسكرية ،ولكن الفريق البرهان منذ توليه لموقع دستوري أضحى سياسياً بامتياز ، وإنغمس في الصراع السياسي لدرجة الملاسنات بينه والأطراف السياسية ،وهو بوضعه الدستوري وإنغماسه في العمل السياسي لم يعد من المناسب أن يعود مرة أخرى للمؤسسة العسكرية لأن ذلك يتعارض مع قوانينها ولوائحها ووظيفتها ، القوات المسلحة هي إحدى مؤسسات الدولة وتخضع شأنها شأن المؤسسات الأخرى مدنية كانت أم عسكرية ،تخضع للسلطة السياسية ،و إن عودته للمؤسسة العسكرية يشكل تهديدا حقيقيا لهدف التحول الديمقراطي.. وأن كان الفريق البرهان يريد ممارسة العمل السياسي فإن عليه أن يخلع بزته العسكرية ، البرهان ارتكب جرائم واخطاء جسيمة بانقلابه في 25 أكتوبر ،بالرغم من انه يرفع شعارات الحصة وطن ، ويعلن حرصه على المصلحة الوطنية، وهو إن كان صادقاً فان عليه أن يتقدم باستقالته ويحذو حذو الفريق إبراهيم عبود ،ولكنه لن يفعل ذلك ابداً ولن يلتزم بالتسوية ،ولن يتخلى عن موقعه في رئاسة الدولة إلا أن ينتزع منه إنتزاعاً ،أتمنى أن يدحض البرهان مقولتي وحديثي هذا ولكن لن يفعل وكما لم يعلن أبولهب إسلامه ولو نفاقاً لتكذيب الوحي السماوي كذلك لن يتقدم البرهان باستقالته ، لذلك نجدد قولنا القاطع ان المؤسسة العسكرية لم تكن جزء من الصراع السياسي وإنما الفريق البرهان هو الذي نصب نفسه طرفاً في الصراع السياسي مستغلاً إسم المؤسسة العسكرية .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى